المنافرة هي المحاكمة والمفاخرة بين رجلين يترتب عليها أختيار حكماً يحكم بينهما ، وفي أيام الجاهلية تنافر جرير بن عبد الله البجلي زعيم بنو قسر البجليين وخالد بن أرطاة بن خشين الكلبي زعيم قبيلة كلب القضاعية يومئذ (لمطالعة قصة المنافرة - اضغط) ؛ وفي المنافرة قيلت أبيات شعر من أحد شعراء بجيلة أتخذت فيمابعد كحجة بأن بجيلة قبيلة عدنانية ، وموضوعي اليوم عبارة عن محاولة متواضعة لتحليل أحداث القصة وإستخلاص بعض معطياتها كالتالي :
1. واضح من قصة المنافرة أنها كانت بين رجلين لا قبيلتين ؛ وهما : جرير بن عبد الله البجلي (رضي الله عنه) وخالد بن أرطاة الكلبي .
2. نستنتج من القصة أن بطون بجيلة منذ القدم لم تكن على وفاق ووئام وبينهم قطيعة وخصومة كما يتضح من إستهزاء الكلبي بهم وعدم فزعة معظمهم لأحد أبناء عشيرة منهم ، وأيضاً يتضح ذلك الجفاء من تخوف وقلق جرير عندما رأى قريبه أسد بن كرز البجلي قادماً لمساعدته معتقداً أنه جاء ناصراً خصمه ، وعدم الوفاق بين عشائر بجيلة يلاحظ في مواقفهم المتباينة في كثير من الأحداث التاريخية مثل صفين وغيرها ؛ ويبدو أن عدم الوفاق بين بطون وعشائر بجيلة وطوائفها أستمر حتى وقتنا الحاضر .
3. نلاحظ في قصة المنافرة أن القاسم بن عقيل العادي الزيدي البجلي أتبع تسلسل درجة القرابة عند طلب الفزعة من عشائر بجيلة ؛ فنجده ذهب أولاً لبني زيد ؛ وبعد رفضهم ذهب لبني أحمس ؛ وأخيراً ذهب إلى بني مالك القسريين ؛ ففزع له جرير بن عبدالله البجلي رغم بُعد القرابة بينهم بالمقارنة مع بنو زيد وبنو أحمس البجليين .
4. من قول القاسم بن عقيل البجلي المذكور في القصة دلالة واضحة على أن بنو قسر بجيلة أثرياء ؛ وما أدل على ذلك إلا قول جرير للأقرع بن حابس : نحن أهل الذهب الأصفر ، والأحمر المعصفر ، نخيف ولا نخاف ، ونطعم ولا نستطعم ، ونحن حي لقاح ، نطعم ما هبت الرياح ، نطعم الشهر ونضمن الدهر ، ونحن الملوك لقسر .
5. تبين القصة أن جرير بالجاهلية لا يحسن ركوب الخيل ويؤكده الحديث الشريف المتعلق بهدم ذي الخلصة عندما قال للرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يثبت على الخيل فضرب الرسول (ص) في صدره وقال (اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً) .
6. حازم بن أبي حازم البجلي المذكور بالقصة هو الذي قتل بصفين سنة 37هـ وأخوه الفقية المعروف قيس بن أبي حازم (تابعي وقيل صحابي) ؛ ووالدهم الصحابي أبو حازم الأحمسي البجلي الذي قيل اسمه : عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال بن الحارث الأحمسي البجلي .
7. من الواضح أن صخر بن العيلة البجلي المذكور بالقصة هو الصحابي أبو حازم ؛ صخر بن العيلة بن عبدالله الأحمسي البجلي الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه وماله) .
8. قائل الأرجوزة وقت المنافرة التي ينتسب فيها شاعر بني زيد بجيلة للعدنانية هو : عمرو بن الخثارم الجشمي الزيدي البجلي ، وإنتساب الشاعر للعدنانية يخالف الأحاديث الشريفة المتعلقة بنسب بجيلة وخثعم ويخالف أيضا أقوال غالبية كتب النسب التي تذكر أن بجيلة وأخوتهم خثعم قبائل قحطانية من ولد أنمار بن أراش القحطاني .
* النقاط السابقة بعض ما أستنتجته من قصة المنافرة الشهيرة الواقعة بأيام الجاهلية ؛ وبرأيي المتواضع يحتاج الأمر بحث وتحليل أوسع للوصول للأسباب التي جعلت الشاعر عمرو البجلي ينتسب للعدنانية خلافاً لنسبه الحقيقي .