5/ نبض الختام : وتلفتت عيني فمذ خفيت ... عني الكويتُ تلفت القلبُ !
بعد أن ودعنا مضيفنا الكريم الشيخ : بدر بن خلف العتيبي ، وغادرنا منزلة . لم يتجه بنا أبو مساعد إلى البيت وكأنه بحاسته الكريمة يعلم بأنني وصديقي الشاعر كائنات ليلية تتجافى جنوبها عن المضاجع ،، في سبيل الصياعة المباحة ، والتسكع المشروع ، سألنا أبو مساعد الى أين تريدون الأتجاه ، فأجبته على الفور : مجمع الكوت .
في مقهى كوستا كوفي الكوت ، كان الجو ممتعاً والمكان يعج بالمتنزهين شربنا قهوتنا وخضنا في أعذب الأحاديث ، وغادرنا المكان وفي النفس منه شيءٌ !.
وفي طريقنا إلى المنزل أقترح علينا أبو مساعد أن إفطار يوم غدٍ الجمعة سيكون في ( برندة المنزل ) والبرندة هي ( البلكونه ) وقد كنا نسميها في الماضي برندةً قبل أن يطغى إسم البلكونة على الأذهان ولا أعلم أصلاً لهذه المسميات ، ولو كنت ضليعاً في لغة الفرنجة وبقايا الصليبيين لأفدتكم عنها ، ولكني أعتقد - والمعلومة ليست موثوقة - أن برندة أصلها عربي متفرنج وليست فرنجيةٌ متعربنه فمثلها مثل إسم أوباما الذي أصل أسمه أبو عمامة ، وشكسبير الذي كان إسمه الشيخ زبير !!
وبرندة يعود اصلها الى (مبردة ) أي أن أصحاب المنزل يجلسون فيها من أجل الأستمتاع بالجو البارد !
لم نحظ بالجلوس في البرندة لأن رحمة السماء أغاثت القلوب بأمطار متوسطة فأستيقظنا ووجدنا أبا مساعد ومساعد يعدان الأفطار في الديوانية معتذرين بوجود الأمطار ، وأين يكن ابو مساعد فثم المتعةُ والراحة والجمال .
كان لهذا الأفطار المنزلي نكهةً خاصة ، وخاصةً حين أخذ المهندس مساعد يقلب الجمر تحت أباريق الشاي والقهوة ، وأبو مساعد يرتب الأفطار اللذيذ الأنيق بطريقته الأنيقة الجذابة ، كل شيءً أقاومة ألا الفول فأنه يغريني حتى في حالة الشبع ، فكيف أقاومة وهو يخرج ساخناً من تلك الجرة الذهبية الأنيقة ؟
أفطرنا على مالذ وطاب وذهبنا إلى صلاة الجمعة ، موعودون بالغداء الختامي ، في نفس المكان .
غداء بنكهة برلمانية : !
قبل أن نتحدث عن جلسة الغداء ومادار فيها من نقاشات ، أريد أن أذكر أن زيارتنا للكويت جاءت بعد أسبوعين ساخنين من الأنتخابات النيابية لمجلس الأمة وماتلاها من ردود أفعال!
فبعد أن حل أميرُ البلاد مجلس الأمة السابق أحدث تعديلاً جديداً في قانون الأنتخابات حيث تم تعديل نظام الأربعة الأصوات إلى نظام الصوت الواحد ، أي أنه لايحق للناخب أن يمنح صوته إلا لمرشح واحد فقط . حينها رأى بعض المعارضين في كتل سياسية متعددة أن هذا الأمر لايصب في صالحهم ، ورأى البعض الآخر أن مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد !.
وبحسب معلوماتي المتواضعة في الشؤون الديموقراطية - كوني أنتسب لبلد لايحكم فيه إلا أهل القرآن -!! فأنني أتوقع أن نظام الصوت الواحد موجودٌ في أعرق البلدان ديموقراطيةً وليس ببدعٍ من القول أن يقر في بلد يعد واحة الديموقراطية العربية منذ أكثر من خمسين عاماً !وأنا لاأتحدث هنا بلغة التخندق أو التحيز لفئية لأن هذا شأنٌ كويتي بحت ، ولكن لايمنع أن يطل صعلوكٌ حجازي من نافذتة الفولاذية ليشتم هواءً لم تعتد عليه حواسه ! . علماً أن نظام الصوت الواحد الصادر بمرسوم أميري تم الطعن فيه في المحكمة الدستورية العلياء والتي لها كامل الصلاحيات القضائية وأصدار الأحكام والغاء الأوامر ولا يستثنى من ذلك حتي أوامر أمير البلاد ... هذه الكويت ياسادة ، في الوقت الذي يقف فيه بعض الملوك والحكام بكامل الحصانة والقداسة ليقولون لانريكم إلا مانرى - تقف الكويت بمؤسساتها لتضع الحق في نصابة ، لأن الحق أولى من الرجال حتى ولو كانوا حكاماً ! . عذراً على هذا الأستطراد الذي لابد منه ، ولن تنسينا الأحداث ذلك الغداء الفاخر شكلاً ومضموناً .
أمضيناً وقتاً ممتعاً مع الأخوة الكرام الذين أجتمعوا على مأدبة الغداء ، وودعونا جميعاً وبقي أبو مساعد يتحدث بأسهاب وتمكن عن مسيرة البحارة الكويتيين وكيف كان يتم تواصلهم مع أهلهم ، والمشاق التي تواجههم ، وقرأ لنا من (روزنامة) أحد النواخذة القدماء ، والروزنامة هي مجموعة الأوراق التي يدوّن فيها النوخذه يومياته ومحطة وقوفة وحركة الرياح والموج ، والوضع العام على ظهر السفينة . ولا أخفيكم أننا وجدنا متعة وفائدة حين تحدث أبو مساعد عن هذا الموضوع الغريب على أناسٍ ترتفع قراهم عن سطح البحر بأكثر من الف وسبعمائة متر ! وأبو مساعد ممتع الحديث في أي شأنٍ يتناوله .
أمضيناً وقتاً ممتعاً مع الأخوة الكرام الذين أجتمعوا على مأدبة الغداء ، وودعونا جميعاً وبقي أبو مساعد يتحدث بأسهاب وتمكن عن مسيرة البحارة الكويتيين وكيف كان يتم تواصلهم مع أهلهم ، والمشاق التي تواجههم ، وقرأ لنا من (روزنامة) أحد النواخذة القدماء ، والروزنامة هي مجموعة الأوراق التي يدوّن فيها النوخذه يومياته ومحطة وقوفة وحركة الرياح والموج ، والوضع العام على ظهر السفينة . ولا أخفيكم أننا وجدنا متعة وفائدة حين تحدث أبو مساعد عن هذا الموضوع الغريب على أناسٍ ترتفع قراهم عن سطح البحر بأكثر من الف وسبعمائة متر ! وأبو مساعد ممتع الحديث في أي شأنٍ يتناوله .
زيارةٌ من صداها ترضع الحقبُ !
جهزنا حقائبنا وودعنا أحفاد أبي مساعد وأصر المهندس مساعد أن يرافقنا مع أبيه إلى المطار ، وبعد أن أنهينا أجراءات الخروج جلسنا في أحد مقاهي المطار ولم يرضيا أبو مساعد ومساعد بوداعنا إلافي آخر نقطة يسمح للمودعين الوصول إليها .
ودعنا أبا مساعد وبما أن كل إنسانٍ يتصف بذاكرةٍ ترتكب أخطاء ، فلا أخفيكم أن ذاكرتي أرتكبت بعضاً من تلك الأخطاء ، ولكن الذي لم ولن تستطع ذاكرتي إرتكابه هو نسيان هذه الرحلة ، بل أنها لن تستطيع أن تنسى أدق الجزئيات التي أكرمنا بها أبو مساعد .
لن تكون ذاكرتي يوماً ما معصومة ، ولكنها أيضاً لن تكون - حين أذكر أبا مساعد - من نوع الذاكرة (البروستية) التي أسماها مارسيل بروست (البحث عن الزمن الضائع) لأن الأيام التي قضيناها مع هذا الرجل الأنسان تعد في مصاف الزمن الذي يجعلك تعثر على نفسك بل وتعثر على الشيم والقيم والأخلاق متى مافقدت .
شكراً ! وماشكراً ياأبامساعد ؟ إنها كلمةٌ تافهةٌ تلقى حتفها عند ظفر إبهامك الندي ، ولكن دعاءنا لك ياكريم السجايا لأن الدعاء باقٍ حين نفنى ، مذكورٌ حين ننسى ، مستجاب بأذن - المولى الكريم - حين نبخل بذكر الكرماء من أمثالك .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يمتعنا بطول عمرك على الصحة والعافية والطاعة والخير والمعروف ، وأن يبارك لك في ذريتك ومالك وأن يغفر لك ذنبك ويجمعنا بك في هذه الدنيا وأخوةً في الله على سررٍ من نورحين نلقى ربنا .