مقالة اليوم عن (الحسد) تلك الآفة الاجتماعية الخبيثة ؛ وفي البداية لابد من تعريف (الحسد) ، الحسد : بإيجاز هو أن يتمنى الإنسان زوال نعمة غيرة ، والحسد غير (الغبطة) ؛ فالغبطة لابأس بها لأنها تعني أن يتمنى المرء أن يكون له مثل ما عند غيره من نعمة أو صفات حسنة ومميزات دون أن يتمنى زوالها منهم .
أما الحسد فهو آفة ومرض خبيث يدل على نفسيةٌ فاسدة وضعف في الإيمان واهتزاز ثقة الإنسان بنفسه ، والشعراء على مر العصور تحدثوا عن هذه الآفة الخبيثة ؛ فنجد الشاعر الثقفي يقول :
أما الحسد فهو آفة ومرض خبيث يدل على نفسيةٌ فاسدة وضعف في الإيمان واهتزاز ثقة الإنسان بنفسه ، والشعراء على مر العصور تحدثوا عن هذه الآفة الخبيثة ؛ فنجد الشاعر الثقفي يقول :
تملأتَ من غيظ عليَّ ، فلم يزل بك الغيظ حتى كدت بالغيظ تنشوي
وما برحتْ نفسٌ حسود حشيتها تذيبك حتى قيلَ : هل أنت مكتوي؟
ويرى أبو العلاء المعري أن الحسدَ موجودة في البشر لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات ، فنجده يقول :
ومن عاش بين الناس لم يخل من أذى بما قال واشٍ ، أو تكلم حاســدُ
ويرى البعض أن الحسد من الآفات المتجذرة التي قد يستحيلُ اقتلاعها من النفس ، فنجد الإمام الشافعي يقول :
كل العداوة قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك من حَسَدِ
ويقول :
اصبر على كيد الحسو د فإن صبرك قاتله
فالنــارُ تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
ولا شك أن الحسد يعتبر شهادة ضمنية بعظمة المحسود وتميزه بصفات وخصائص ومكارم لا تتوافر في الحاسد لذلك نجد الشاعر يقول :
إن يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسدوا
فدامَ لي ولهم ما بي وما بهموُ ومـاتَ أكثرُنا غيــظًا بما يجــــــــــــــــــــــــدُ
وبنفس السياق نجد أبو تمام يقول :
وإذا أراد الله نشـــــــر فضيلــة طويت أتاحَ لها لـســـانَ حســود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيبُ عَرفِ العود
وفي نفس هذا المعنى يقول البحتري :
ولن تستبين الدهر موقع نعمة إذا أنت لم تدْلل عليها بحاسد
ويرى البعض أن الحسد قد يقع من الأقارب وهو دليل على عظمة المحسود وعلو شأنه وتميزه عنهم ؛ فيقول أحد الشعراء :
وإذا ملكت المجد لم تملك مودات الأقــــــــــــارب
والمجد والحساد مقـ ـرونان ، إن ذهبوا فذاهب
وإذا فقدت الحاسدين فقدت في الدنيـــا الأطايب
ولأن حسد ذوي القربى أشد إلاماً على النفس من حسد غيرهم ؛ لذلك نجد أبو تمام يقول :
ما هذه القربى التي لا تتقَى ما هذه الرحمُ التي لا تُرحمُ
حسد العشيرة للعشيرة قرحة تلدت وســـــائلها وجرح أقدم
وأخيراً نضع قصيدة أبو الأسود الدُؤلي الذي يقول فيها :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقـــــومُ أعداءٌ لهُ وخصومُ
كضرائرِ الحسناء قلن لوجهها حســـــــــــــــــداً وبغاً إنه لدميم
وترى اللبيب محسدًا لم يجترم شتْم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ حســاده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة الســــفيه فإنها ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيـــــــــــم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثلــــه عارٌ عليك إذا فعلت عظيـــــم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها فإذا انتهت عنــه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى بالعــــلم منك وينفع التعليم
ويل الخلي من الشـــــجي فإنه نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وترى الخلي قرير عين لاهيـــاً وعلى الشــــجي كآبةٌ وهموم
ويقول : ما لك لا تقول مقالتي ولسان ذا طلقٌ وذا مكظوم
لا تكلمن عرض ابن عمك ظالماً فإذا فعلت فعرضك المكلوم
وحريمه أيضاً حريمك فاحمـــــــــه كي لا يباع لديك منه حريم
وإذا اقتصصت من ابن عمك كلمةً فكلومه لك إن عقلت كلوم
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجـــــــــــــــةٌ فلقاؤه يكفيك والتســــــــــــــــليم
فإذا رآك مســــــــــــــــــــلماً ذكر الذي كلمتـــــــــــــــــــــه فكأنه ملزوم
ورأى عواقب حمد ذاك وذمـــــــــه للمرء تبقى والعظام رميـــــــــم
فارج الكــــــــريم وإن رأيت جفاءه فالعتب منه والكرام كريــــــــــم
إن كنت مضطراً وإلا فاتخــــــــــذ نفقاً كأنك خائفٌ مهــــــــــــزوم
واتركه واحذر أن تمر ببابــــــــه دهراً وعرضك إن فعلت ســليم
فالناس قد صاروا بهائم كلهم ومن البهائم قائلٌ وزعيــــــــــــم
عميٌ وبكم ليس يرجى نفعهم وزعيمهم في النائبات مليــــــم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجــــــــةً فألح في رفقٍ وأنت مديــــــــــــم
والزم قبالة بيتـــــــــــــــه وفناءه بأشــــــــــد ما لزم الغريم غريم
وعجبت للدنيا ورغبـــة أهلها والرزق فيما بينهم مقســــــــوم
والأحمق المرزوق أعجب من أرى من أهلها والعاقل المحروم
ثم انقضى عجبي لعلمـــــــي أنه رزقٌ موافٍ وقته معلـــــــــــــوم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته